فصل: من أقوال المفسرين في قوله تعالى: {وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ الله غَنِىٌّ عَنِ العالمين}:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



.من أقوال المفسرين في قوله تعالى: {وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ الله غَنِىٌّ عَنِ العالمين}:

.قال الفخر:

في هذه الآية قولان:
القول الأول: أنها كلام مستقل بنفسه ووعيد عام في حق كل من كفر بالله ولا تعلق له بما قبله.
القول الثاني: أنه متعلق بما قبله والقائلون بهذا القول منهم من حمله على تارك الحج ومنهم من حمله على من لم يعتقد وجوب الحج، أما الذين حملوه على تارك الحج فقد عولوا فيه على ظاهر الآية فإنه لما تقدم الأمر بالحج ثم أتبعه بقوله: {وَمَن كَفَرَ} فهم منه أن هذا الكفر ليس إلا ترك ما تقدم الأمر به ثم إنهم أكدوا هذا الوجه بالأخبار، روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «من مات ولم يحج فليمت إن شاء يهوديًا وإن شاء نصرانيًا».
وعن أبي أمامة قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: «من مات ولم يحج حجة الإسلام ولم تمنعه حاجة ظاهرة أو مرض حابس أو سلطان جائر؛ فليمت على أي حال شاء يهوديًا أو نصرانيًا» وعن سعيد بن جبير: لو مات جار لي وله ميسرة ولم يحج لم أصل عليه، فإن قيل: كيف يجوز الحكم عليه بالكفر بسبب ترك الحج؟
أجاب القفال رحمه الله تعالى عنه: يجوز أن يكون المراد منه التغليظ، أي قد قارب الكفر وعمل ما يعمله من كفر بالحج، ونظيره قوله تعالى: {وَبَلَغَتِ القلوب الحناجر} [الأحزاب: 10] أي كادت تبلغ ونظيره قوله عليه الصلاة والسلام: «من ترك صلاة متعمدًا فقد كفر» وقوله عليه الصلاة والسلام: «من أتى امرأة حائضًا أو في دبرها فقد كفر».
وأما الأكثرون: فهم الذين حملوا هذا الوعيد على من ترك اعتقاد وجوب الحج، قال الضحاك: لما نزلت آية الحج جمع الرسول صلى الله عليه وسلم أهل الأديان الستة المسلمين، والنصارى واليهود والصابئين والمجوس والمشركين فخطبهم وقال: «إن الله تعالى كتب عليكم الحج فحجوا» فآمن به المسلمون وكفرت به الملل الخمس، وقالوا: لا نؤمن به، ولا نصلي إليه، ولا نحجه، فأنزل الله تعالى قوله: {وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ الله غَنِىٌّ عَنِ العالمين} وهذا القول هو الأقوى. اهـ.

.قال القرطبي:

قوله تعالى: {وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ الله غَنِيٌّ عَنِ العالمين} قال آبن عباس وغيره: المعنى ومن كفر بفرض الحج ولم يره واجبا.
وقال الحسن البصري وغيره: إن من ترك الحج وهو قادر عليه فهو كافر.
وروى الترمذي عن الحارث عن علي قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من ملك زادا وراحلة تُبلَّغه إلى بيت الله ولم يحجّ فلا عليه أن يموت يهوديًا أو نصرانيًا وذلك أنَّ الله يقول في كِتابه {ولِلَّه عَلَى النَّاسِ حجُّ الْبَيْتِ مِن استطاع إلَيْهِ سَبِيلًا}» قال أبو عيسى: هذا حديث غريب لا نعرفه إلا من هذا الوجه، وفي إسناده مَقال، وهلال بن عبد الله مجهول، والحارث يُضعَّف، وروي نحوه عن أبي أمامة وعمر بن الخطاب رضي الله عنهما.
وعن عبد خير بن يزيد عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه أن رسول الله قال في خطبته: «يأيها الناس إن الله فرض عليكم الحج على من استطاع إليه سبيلا ومن لم يفعل فليمت على أي حال شاء إن شاء يهوديًا أو نصرانيًا أو مجوسيًا إلا أن يكون به عذر من مرض أو سلطان جائر ألا نصيب له في شفاعتي ولا ورُودَ حَوْضي» وقال ابن عباس قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من كان عنده مال يبلّغه الحج فلم يحج أو عنده مال تحلّ فيه الزكاة فلم يزّكه سأل عند الموت الرجعة» فقيل يابن عباس إنا كنا نرى هذا للكافرين.
فقال: أنا أقرأ عليكم به قرآنا {يا أيها الذين آمَنُواْ لاَ تُلْهِكُمْ أَمْوَالُكُمْ وَلاَ أَوْلاَدُكُمْ عَن ذِكْرِ الله وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ فأولئك هُمُ الخاسرون وَأَنفِقُواْ مِن مَّا رَزَقْنَاكُمْ مِّن قَبْلِ أَن يَأْتِيَ أَحَدَكُمُ الموت فَيَقُولُ رَبِّ لولا أخرتني إلى أَجَلٍ قَرِيبٍ فَأَصَّدَّقَ وَأَكُن مِّنَ الصالحين} [المنافقون: 9- 10]، قال الحسن بن صالح في تفسيره: فأَزّكَى وأحجّ.
وعن النبي صلى الله عليه وسلم أن رجلا سأله عن الآية فقال: «من حج لا يرجو ثوابا أو جلس لا يخاف عقابا فقد كفر به» وروى قتادة عن الحسن قال قال عمر رضي الله عنه: لقد هممت أن أبعث رجالا إلى الأمصار فينظرون إلى من كان له مال ولم يحجّ فيضربون عليه الجزية؛ فذلك قوله تعالى: {وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ الله غَنِيٌّ عَنِ العالمين}.
قلت: هذا خرج مخرج التغليظ؛ ولهذا قال علماؤنا: تضمّنت الآية أن من مات ولم يحج وهو قادر فالوعيد يتوجّه عليه، ولا يجزئ أن يحجّ عنه غيره لأن حج الغير لو أسقط عنه الفرض لسقط عنه الوعيد.
والله أعلم.
وقال سعيد بن جُبير: لو مات جارٌ لي وله مَيْسرة ولم يحج لم أصلّ عليه. اهـ.

.قال الألوسي:

{وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ الله غَنِىٌّ عَنِ العالمين} يحتمل أن يراد بمن كفر من لم يحج وعبر عن ترك الحج بالكفر تغليظًا وتشديدًا على تاركه كما وقع مثل ذلك فيما أخرجه سعيد بن منصور وأحمد وغيرهما عن أبي أمامة من قوله صلى الله عليه وسلم: «من مات ولم يحج حجة الإسلام لم يمنعه مرض حابس أو سلطان جائر أو حاجة ظاهرة فليمت على أي حالة شاء يهوديًا أو نصرانيًا».
ومثله ما روي بسند صحيح عن عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه أنه قال: لقد هممت أن أبعث رجالًا إلى هذه الأمصار فلينظروا كل من كان له جدة فلم يحج فيضربوا عليهم الجزية ما هم بمسلمين ما هم بمسلمين، ويحتمل إبقاء الكفر على ظاهره بناءًا على ما أخرج ابن جرير وعبد بن حميد وغيرهما عن عكرمة: أنه لما نزلت {وَمَن يَبْتَغِ غَيْرَ الإسلام دِينًا} [آل عمران: 85] الآية قال اليهود: فنحن مسلمون فقال لهم النبي صلى الله عليه وسلم: «إن الله تعالى فرض على المسلمين حج البيت فقالوا لم يكتب علينا وأبوا أن يحجوا فنزل: {وَمَن كَفَرَ}» الآية.
ومن طريق الضحاك أنه لما نزلت آية الحج جمع رسول الله صلى الله عليه وسلم أهل الملل مشركي العرب والنصارى واليهود والمجوس والصابئين فقال: إن الله تعالى قد فرض عليكم الحج فحجوا البيت فلم يقبله إلا المسلمون وكفرت به خمس ملل قالوا: لا نؤمن به ولا نصلي إليه ولا نستقبله فأنزل الله سبحانه: {وَمَن كَفَرَ} الخ وإلى إبقائه على ظاهره ذهب ابن عباس، فقد أخرج البيهقي عنه أنه قال في الآية: {وَمَن كَفَرَ} بالحج فلم ير حجه برًا ولا تركه مأثمًا، وروى ابن جرير أن الآية لما نزلت قام رجل من هذيل فقال: يا رسول الله من تركه كفر؟ قال: «من تركه لا يخاف عقوبته ومن حج لا يرجو ثوابه فهو ذاك»، وعلى كلا الاحتمالين لا تصلح الآية دليلًا لمن زعم أن مرتكب الكبيرة كافر. اهـ.

.قال ابن عطية:

هذا كفر معصية، كقوله عليه السلام: «من ترك الصلاة فقد كفر»، وقوله: «لا ترجعوا بعدي كفارًا، يضرب بعضكم رقاب بعض»، على أظهر محتملات هذا الحديث. وبيّن أن من أنعم الله عليه بمال وصحة ولم يحج فقد كفر النعمة، ومعنى قوله تعالى: {غني عن العالمين} الوعيد لمن كفر، والقصد بالكلام، فإن الله غني عنهم، ولكن عمم اللفظ ليبرع المعنى، وينتبه الفكر على قدرة الله وسلطانه واستغنائه من جميع الوجوه حتى ليس به افتقار إلى شيء، لا رَبَّ سواه. اهـ.

.قال ابن عاشور:

وقوله: {وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ الله غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ} ظاهره أنه مقابل قوله: {مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا} فيكون المراد بمن كفر من لم يحج مع الاستطاعة، ولذلك قال جمع من المحققين: إن الأخبار عنه بالكفر هنا تغليط لأمر ترك الحج.
والمراد كفر النعمة.
ويجوز أيضا أن يراد تشويه صنعه بأنه كصنيع من لا يؤمن بالله ورسله وفضيلة حرمه.
وقال قوم: أراد ومن كفر بفرض الحج، وقال قوم بظاهره: إن ترك الحج مع القدرة عليه كفر.
ونسب للحسن.
ولم يلتزم جماعة من المفسرين أن يكون العطف للمقابلة وجعلوها جملة مستقلة.
كالتذييل، بين بها عدم اكتراث الله بمن كفر به.
وعندي أنه يجوز أن يكون المراد بمن كفر من كفر بالإسلام، وذلك تعريض بالمشركين من أهل مكة بأنه لا اعتداد بحجهم عند الله وإنما يريد الله أن يحج المؤمنون به والموحدون له.
وفي قوله: {غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ} رمز إلى نزعه ولاية الحرم من أيديهم: لأنه لما فرض الحج وهم يصدون عنه، وأعلمنا أنه غني عن الناس، فهو لا يعجزه من يصد الناس عن مراده تعالى. اهـ.

.قال الفخر:

اعلم أن تكليف الشرع في العبادات قسمان، منها ما يكون أصله معقولًا إلا أن تفاصيله لا تكون معقولة مثل الصلاة فإن أصلها معقول وهو تعظيم الله أما كيفية الصلاة فغير معقولة، وكذا الزكاة أصلها دفع حاجة الفقير وكيفيتها غير معقولة، والصوم أصله معقول، وهو قهر النفس وكيفيته غير معقولة، أما الحج فهو سفر إلى موضع معين على كيفيات مخصوصة، فالحكمة في كيفيات هذه العبادات غير معقولة وأصلها غير معلومة.
إذا عرفت هذا فنقول: قال المحققون إن الإتيان بهذا النوع من العبادة أدل على كمال العبودية والخضوع والانقياد من الإتيان بالنوع الأول، وذلك لأن الآتي بالنوع الأول يحتمل أنه إنما أتى به لما عرف بعقله من وجوه المنافع فيه، أما الآتي بالنوع الثاني فإنه لا يأتي به إلا لمجرد الانقياد والطاعة والعبودية، فلأجل هذا المعنى اشتمل الأمر بالحج في هذه الآية على أنواع كثيرة من التوكيد:
أحدها: قوله: {وَللَّهِ عَلَى الناس حِجُّ البيت} والمعنى أنه سبحانه لكونه إلها ألزم عبيده هذه الطاعة فيجب الانقياد سواء عرفوا وجه الحكمة فيها أو لم يعرفوا.
وثانيها: أنه ذكر {الناس} ثم أبدل منه {مَنِ استطاع إِلَيْهِ سَبِيلًا} وفيه ضربان من التأكيد، أما أولًا فلأن الإبدال تثنية للمراد وتكرير، وذلك يدل على شدة العناية، وأما ثانيًا فلأنه أجمل أولًا وفصل ثانيًا وذلك يدل على شدة الاهتمام.
وثالثها: أنه سبحانه عبّر عن هذا الوجوب بعبارتين إحداهما: لام الملك في قوله: {وَللَّهِ} وثانيتهما: كلمة {على} وهي للوجوب في قوله: {وَللَّهِ عَلَى الناس}.
ورابعها: أن ظاهر اللفظ يقتضي إيجابه على كل إنسان يستطيعه، وتعميم التكليف يدل على شدة الاهتمام.
وخامسها: أنه قال: {وَمَن كَفَرَ} مكان، ومن لم يحج وهذا تغليظ شديد في حق تارك الحج.
وسادسها: ذكر الاستغناء وذلك مما يدل على المقت والسخط والخذلان.
وسابعها: قوله: {عَنِ العالمين} ولم يقل عنه لأن المستغني عن كل العالمين أولى أن يكون مستغنيًا عن ذلك الإنسان الواحد وعن طاعته، فكان ذلك أدل على السخط.
وثامنها: أن في أول الآية قال: {وَللَّهِ عَلَى الناس} فبيّن أن هذا الإيجاب كان لمجرد عزة الإلهية وكبرياء الربوبية، لا لجر نفع ولا لدفع ضر، ثم أكد هذا في آخر الآية بقوله: {فَإِنَّ الله غَنِىٌّ عَنِ العالمين} ومما يدل من الأخبار على تأكيد الأمر بالحج، قوله عليه الصلاة والسلام: «حجوا قبل أن لا تحجوا فإنه قد هدم البيت مرتين ويرفع في الثالث» وروي «حجوا قبل أن لا تحجوا حجوا قبل أن يمنع البر جانبه» قيل: معناه أنه يتعذر عليكم السفر في البر في مكة لعدم الأمن أو غيره، وعن ابن مسعود «حجوا هذا البيت قبل أن تنبت في البادية شجرة لا تأكل منها دابة إلا هلكت». اهـ.

.قال ابن عادل:

وقوله: {وَمَن كَفَرَ} يجوز أن تكون الشرطية- وهو الظاهر- ويجوز أن تكون الموصولة، ودخلت الفاء؛ شبهًا للموصول باسم الشرط كما تقدم، ولا يخفى حال الجملتين بعدها بالاعتبارين المذكورين، ولابد من رابط بين الشرط وجزائه، أو المبتدأ وخبره، ومن جوَّز إقامة الظاهر مقام المضمر اكتفى بذلك في قوله: {غَنِيٌّ عَنِ العالمين} كأنه قال: غني عنهم. اهـ.

.قال ابن كثير:

وقوله: {وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلا} هذه آية وُجُوب الحج عند الجمهور. وقيل: بل هي قوله: {وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ} [البقرة: 196] والأول أظهر.
وقد وَرَدَت الأحاديثُ المتعددة بأنه أحدُ أركان الإسلام ودعائمه وقواعده، وأجمع المسلمون على ذلك إجماعا ضروريا، وإنما يجب على المكلَّف في العُمْر مَرّة واحدة بالنص والإجماع.
قال الإمام أحمد: حدثنا يزيد بن هارون، أخبرنا الربيع بن مسلم القُرَشيّ، عن محمد بن زياد، عن أبي هريرة قال: خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: «أيُّهَا النَّاسُ، قَدْ فُرِضَ عَلَيْكُمْ الْحَجُّ فَحُجُّوا». فقال رجل: أكل عام يا رسول الله؟ فسكت، حتى قالها ثلاثًا. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لَوْ قُلْتُ: نَعَمْ، لَوَجَبَتْ، وَلَمَا اسْتَطَعْتُمْ». ثم قال: «ذَرُونِي مَا تَرَكْتُكُمْ، فَإِنَّمَا هَلَكَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ بِكَثْرَةِ سُؤَالِهِمْ وَاخْتِلافِهِمْ عَلَى أَنْبِيَائِهِمْ، وإذَا أَمَرْتُكُمْ بِشَيْءٍ فَأْتُوا مِنْهُ مَا اسْتَطَعْتُمْ، وإذَا نَهَيْتُكُمْ عَنْ شَيْءٍ فَدَعُوهُ». ورواه مسلم، عن زُهَير بن حرب، عن يزيد بن هارون، به نحوه.
وقد روى سُفْيان بن حسين، وسليمان بن كثير، وعبد الجليل بن حُمَيد، ومحمد بن أبي حفصة، عن الزهري، عن أبي سنَان الدؤلي- واسمه يزيد بن أمية- عن ابن عباس قال: خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: «يَا أيُّهَا النَّاسُ، إنَّ اللهَ كَتَبَ عَلَيْكُم الحَجَّ». فقام الأقرع بن حابس فقال: يا رسول الله، أفي كل عام؟ قال: «لَوْ قُلْتُهَا، لَوَجَبَتْ، ولَوْ وَجَبَتْ لَمْ تَعْمَلُوا بِهَا، وَلَمْ تَسْتَطِيعُوا أنْ تَعْمَلُوا بِهَا؛ الحَجُّ مَرَّةً، فَمَنْ زَادَ فَهُوَ تَطَوُّعٌ».
رواه أحمد، وأبو داود، والنسائي، وابن ماجه، والحاكم من حديث الزهري، به. ورواه شريك، عن سِمَاك، عن عِكرمة، عن ابن عباس، بنحوه، وروي من حديث أسامة يزيد.
وقال الإمام أحمد: حدثنا منصور بن وَرْدَان، عن علي بن عبد الأعلى، عن أبيه، عن أبي البَخْتَرِيّ، عن علِيّ قال: لما نزلت: {وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلا} قالوا: يا رسول الله، في كل عام؟ فسكت، قالوا: يا رسول الله، في كل عام؟ قال: «لا ولَوْ قُلْتُ: نَعَمْ، لَوَجَبَتْ». فأنزل الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَسْأَلُوا عَنْ أَشْيَاءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ} [المائدة: 101].